تهدف هذه الوثيقة البحثية إلى دراسة حياة الشاعر العظيم المتنبي، الذي يُعتبر من أبرز الشعراء في التاريخ العربي وأهم رموز العصر العباسي. تتمحور هذه الدراسة حول براعته الأدبية وموهبته الاستثنائية التي اكتسبت له مكانة مرموقة بين ملوك وحكام الدولة العباسية. فمن هو المتنبي وما الدوافع وراء اسمه يُعرف المتنبي باسم أحمد بن حسين بن مرة بن عبد الجبار، وقد تم مناداته بهذا الاسم في بلاد الشام ليشير إلى طموحاته في الشهرة والمعرفة بين الناس.
من هو المتنبي
المتنبي هو أحمد بن حسين بن مرة بن عبد الجبار الجعفي الكندي الكوفي، وُلِدَ في عام 915 ميلادي تقريبًا في منطقة كندة بمحافظة الكوفة العراقية، في وقت كانت فيه الدولة العباسية تواجه صعوبات وانهيارات. منذ صغره، أظهر شغفًا بالأدب والشعر، حيث كتب أول قصيدة له وهو في العاشرة من عمره بعد أن تأثر بشدة بالشعراء الكبار من قبله. كما كان حريصًا على حضور المجالس الأدبية والعلمية.
ينتمي المتنبي إلى القبيلة الكندية وعاش فترة من الرفاهية خلال حكم سيف الدولة الحمداني، الذي أعطاه الأهمية في العديد من القصائد، خصوصًا بعد انتصاراته في المعارك التي وقعت في شمال سوريا، مما أعطى انطباعًا عن عمق العلاقة بينهما، والتي استمرت بشكل ودي لفترة طويلة، لكنها قد انتكست لأسباب غير معروفة.
أشهر الأبيات الشعرية للمتنبي
تُعَدّ قدرة المتنبي على التعبير ولغته الشعرية الراقية من أبرز سمات أعماله، ومن الأمثلة على شعره “قلبه أحر من قلبه شبم، ومن مريض في جسدي وحالتي فهو ما لي”.
اعتمد المتنبي في قصائده على عدة أغراض شعرية رئيسية
- الحمد بما أنه مدح سيف الدولة الحمداني، وقد تجلى ذلك في العديد من الأبيات مثل “على قدر أصحاب الهمم تأتي الوصايا” و”تأتي الشرفاء”.
- الحكمة تجسدت حكمته في أشعاره، حيث استخدمها للتعبير عن فلسفته تجاه الحياة.
- الوصف استخدم المتنبي هذا الغرض للتعبير عن الظروف المحيطة به، بما في ذلك الحروب والمعارك التي عاشها خلال الفترة العباسية.
- الهجاء قدم المتنبي نقدًا لاذعًا في بعض قصائده، خاصة تجاه السلطان كافور.
- العتاب عَبّر المتنبي عن مشاعره تجاه أصدقائه، وخاصة سيف الدولة، مُظهرًا التوترات بينهما.
الموت المأساوي للمتنبي
للأسف، انتهت حياة المتنبي بشكل مأساوي عندما تعرض للاغتيال بسبب قصيدة هجاء كتبها ضد دبا بن يزيد الأسدي. حيث احتوت القصيدة على كلمات مسيئة تلامس شرفه. قُتِل على يد عم دبا، المدعو فتك، الذي دبر عملية اغتياله أثناء عودته إلى الكوفة. وبعد صراع دام مع فتك، تمكّن الأخير من قتله بعد محاولته الفرار. وكما أُفيد، فقد قال المتنبي قبل وفاته “قتلتني، يقتلك الله”. وكان ذلك في عام 965 ميلادي.
في ختام هذا البحث، استعرضنا حياة الشاعر المتنبي، وتسليط الضوء على أبرز إنجازاته الأدبية وظروف وفاته المأساوية. يظل المتنبي رمزًا خالدًا في الأدب العربي، ويمثل قمة التعبير الشعري العربي.