تُعَد فترة الحكم العثماني لمصر واحدة من أهم المحطات التاريخية التي أثرت في مسار الدولة المصرية، حيث استمر هذا الحكم لمدة تقارب أربعة قرون، وجاء بعد انتهاء سيطرة الشركس والمماليك. خلال تلك الحقبة، شهدت مصر تحولات هائلة على مستويات متعددة، بدءًا من البنية الإدارية ونظام الحكم، وصولاً إلى تأثير الثقافة العثمانية والتقاليد الاجتماعية على المصريين. لذا سيتناول هذا البحث كيفية دخول الأتراك إلى مصر وآثار ونتائج الحكم العثماني عليها.
الحكم العثماني في مصر
تاريخياً، بدأ خضوع مصر للحكم العثماني بالتزامن مع غزو الأتراك لبلاد الشام. فقد نجح السلطان سليم الأول في هزيمة المماليك في الشام، مما أفضى إلى زحف القوات العثمانية تجاه مصر. في عام 1517م، ألحق العثمانيون هزيمة ساحقة بسلطنة المماليك بقيادة طومان بك في الصحراء العباسية، مما مهد الطريق لدخول العثمانيين القاهرة وإعدام آخر حكام المماليك. بعد ذلك، تم تعيين يونس باشا والياً عثمانياً على مصر.
نظام الحكم العثماني في مصر
اعتمد السلطان سليم سياسة جديدة في إدارة مصر، تتضمن ثلاث سلطات رئيسية لضمان السيطرة الميدانية وتفادي الثورات. كانت هذه السلطات تشمل
السلطة الأولى سلطة الوالي، والتي كانت مسؤولة عن نقل أوامر السلطان إلى موظفي الحكومة ومراقبة تنفيذها بدقة.
السلطة الثانية كانت تعرف بجيش الحامية، الذي تكوّن من ستة فرق. كان له قائد يتخذ من القلعة مقرًا له، مع التركيز على تنظيم إداري قوي.
السلطة الثالثة تمثلت في سلطة المماليك أو البايات، المسؤولة عن إدارة 24 دائرة في جميع أنحاء البلاد، وكل منها تسمى “سنجاك”.
آثار ونتائج الحكم العثماني لمصر
أسفرت فترة الحكم العثماني عن آثار متعددة، يمكن تلخيصها فيما يلي
1. فقدان مصر استقلالها وتحولها إلى ولاية عثمانية.
2. نشوء هيئات محلية جديدة للحكم مثل الوالي والباشا والمماليك.
3. اتساع نطاق الإدارة والمالية في جميع أنحاء مصر.
4. تصدير مصر لمنتجاتها الزراعية ودفع الجزية المالية للدولة العثمانية.
5. تدهور الوضع الاقتصادي مع ارتفاع ملحوظ في الأسعار بسبب فرض ضرائب كبيرة على المصريين.
6. اعتماد الحكومة العثمانية نظام الالتزام عام 1658م لتحصيل الضرائب.
7. تبني المصريين لعادات اجتماعية جديدة مثل استخدام مطرقتين على أبواب منازلهم، للإشارة إلى جنس الزائر.
8. الاهتمام بجمالية المساجد على الطراز العثماني.
9. بروز دور المتصوفة والفقراء من خلال أماكن خاصة تُعرف بالتقية.
10. تمركز السلطة القضائية بيد رئيس القضاء العثماني، مما أثر على التشريعات المحلية.
11. تعلم المصريون مجموعة من الأطباق العثمانية، بما في ذلك الشاورما واليلنجي.
12. تفشي الفقر والجهل والمرض بصورة غير مسبوقة في تاريخ مصر.
13. تدهور التعليم، حيث اقتصر على الأزهر الشريف والعلوم المرتبطة به، دون الاهتمام بالعلوم الثقافية والفكرية الأخرى.