يتناول هذا المقال الفرق بين التكبير المطلق والتكبير المقيد، إذ يعد هذين النوعين من التكبير أمرين مهمين مرتبطين بعيد الأضحى المبارك. وتعتبر هذه التكبيرات مستحبّة ومسنونة خلال العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، الذي يعد أحد الأيام المميزة التي فضلها الله تعالى عن باقي الأوقات، حيث تضاعف الأجر فيها. التكبير هنا سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما يستدعي تقديم تفصيلات حول الفرق بين التكبير المطلق والتكبير المقيد، مع إرفاق معلومات إضافية توضيحية.
التعريف بالتكبير
يمكن تعريف التكبير بأنه تعظيم الله سبحانه وتعالى وتنزيهه عن أي نقص. كما ورد في قوله تعالى وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ. إن التكبير هو فعل يعبر عن تبجيل الله وتعظيمه، حيث إن قول المسلم “الله أكبر” يعني أن الله تعالى أعظم. وقد ورد عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (كبَّرَ في عيدٍ ثِنتَي عشْرةَ تكبيرةً؛ سَبعًا في الأولى، وخَمسًا في الآخِرةِ، ولم يُصلِّ قبلَها، ولا بعدَها).
التكبير المطلق والتكبير المقيد
تشير الأيام العشر من ذي الحجة إلى فترات من الخير والطاعات في حياة المسلمين، فهي تتميز بأجر عظيم كما هو ثابت في القرآن الكريم والسنة النبوية. يبدأ التكبير من بداية شهر ذي الحجة وحتى اليوم الثالث عشر، وينقسم إلى نوعين، وهما
التكبير المطلق
يُعرَف التكبير المطلق بأنه التكبير الذي يُمارَس في الأيام العشر من ذي الحجة وأيام التشريق الثلاثة. حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ما من أيامٍ أعظمُ عندَ اللهِ ولا أحبَّ إليه العملُ فيهنَّ من هذهِ الأيامِ العشرِ، فأكثروا فِيهنَّ من التهليلِ والتكبيرِ والتحميدِ). سمي التكبير مطلقًا لأنه غير مقيد بوقت معين، فيستحب التكبر في كافة الأوقات، سواء قبل أو بعد الصلاة، ويمكن ممارسته في المنازل والمساجد والطرقات. ويبدأ من غروب شمس آخر يوم في شهر ذي القعدة حتى غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة.
التكبير المقيد
يعتبر التكبير المقيد هو النوع الذي يُسنّ من فجر يوم الجمعة إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة. حيث ورد عن علي رضي الله عنه أنه (كان يُكبِّرُ بعدَ صلاةِ الفَجرِ يومَ عَرَفةَ إلى صلاةِ العصرِ من آخِرِ أيامِ التشْريقِ). سمي التكبير مقيدًا لأنه يُمارَس بعد الصلوات المكتوبة، ويكون حقًا على غير الحاج من فجر يوم عرفة حتى غروب شمس اليوم الثالث عشر، بينما يُمارَس من ظهر يوم النحر للحاج.
صفة التكبير
تتعدد آراء العلماء حول صفة التكبير وصيغته، لعدم وجود نص ثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشأن صيغة محددة. ولذا فإن العلماء قد أوضحوا بعض الصيغ كما يلي
- الحنفية يعتبر صيغة التكبير عندهم “الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد”.
- المالكية يرون أن الصيغة تكون “الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”.
- الشافعية قالوا إن صيغتهم تشمل “الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جُنده، وهزم الأحزاب وحده”.
- الحنابلة يعتبرون أن صيغة التكبير هي “الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”.
حكم تكبيرات العيد
تُعتبر التكبيرات من العبادات العظيمة التي يُقدم عليها المسلم في العيد، وهي سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يُشير إلى ذلك جمهور الفقهاء من الحنابلة والشافعية والمالكية. حيث استندوا إلى قول أم عطية رضي الله عنها- (كُنَّا نُؤْمَرُ أنْ نَخْرُجَ يَومَ العِيدِ حتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِن خِدْرِهَا، حتى نُخْرِجَ الحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فيُكَبِّرْنَ بتَكْبِيرِهِمْ، ويَدْعُونَ بدُعَائِهِمْ). بينما ذهبت الحنفية إلى تقدير تكبيرات العيد كواجبة.
حكم التكبير الجماعي قبل صلاة العيد
يجوز التكبير الجماعي قبل صلاة العيد، إذ يُعتبر مشروعًا. حيث قال الله تعالى وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، وأيضًا (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ). بينما التكبير الجماعي الذي يتم برفع الصوت بالتكبير جميعًا، مع الانتهاء والبدء في نفس الوقت، يُعتبر بدعة. استنادًا إلى ما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم “مَن أَحْدَثَ في أَمرِنا هذا ما ليسَ منه، فهو ردٌّ”.
فضل التكبير في العشر من ذي الحجة
لقد أقسم الله سبحانه وتعالى بالأيام العشر في القرآن الكريم، إذ قال تعالى وَلَيَالٍ عَشْرٍ، مما يدل على عظمة هذه الأيام وأهميتها. العمل الصالح فيها يحظى بمحبّة الله -تعالى-، حيث جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- “مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ”. وقد عرف التكبير بكونه أمرًا متبعًا من الصحابة في هذه الأيام المباركة. فقد أورد عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بقوله “وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ أَيَّامُ العَشْرِ، وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ”.
وفي الختام، يعرض هذا المقال الفروق بين التكبير المطلق والمقيد، بالإضافة إلى بيان حكم التكبيرات للعيد عند مختلف المذاهب وأهل العلم، متطرقًا إلى حكم تكبيرات صلاة العيد والتكبير الجماعي في المساجد وبعد الصلوات المكتوبة.