يتزايد اهتمام المسلمين في الآونة الأخيرة بحكم صلاة الكسوف، خاصة مع اقتراب ظاهرة كسوف الشمس في العالم العربي والإسلامي،تعتبر صلاة الكسوف من الشعائر الدينية المشروعة للمسلمين في حالات خسوف الشمس، حيث تُغطى الشمس بقرص القمر،يتناول هذا البحث الحكم الشرعي لصلاة كسوف الشمس وفقًا لما ورد عن الإمام الشيخ ابن باز.
حكم صلاة الكسوف وفقًا للشيخ ابن باز
بيّن الشيخ ابن باز أن صلاة الكسوف تُعتبر سنة مؤكدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما تمت مناقشة حكم هذه الصلاة،وأوضح أن هذه الصلاة ليست واجبة على المسلمين، وقد وردت فيها نصوص عديدة من الأحاديث الصحيحة،ومن هذه الأحاديث ما رواه طلحة بن عبيد الله، حيث قال “خمسُ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلةِ، قالَ هل عليَّ غيرُهنَّ، قالَ لا إلَّا أن تطَّوَّع”،ومن هنا، يظهر جليًا عدم وجوب هذه الصلاة، والله ورسوله أعلم.
حكم الاعتماد على الحسابات الفلكية في تحديد الكسوف والخسوف
تناول الشيخ ابن باز في فتاويه مسألة الاعتماد على الأخبار والمصادر الفلكية لتحديد مواعيد الكسوف، مؤكدًا أنه لا يجوز الاعتماد على تلك المعلومات وحدها،فالتحديد قد يكون دقيقًا أو خاطئًا، ولكن يأتي العلم الموثوق من رؤية الكسوف وعند حدوثه، تُشرع صلاة الكسوف بدلاً من الاعتماد على أخبار أو تقارير،فإذا تحقق الكسوف وفقًا لتلك التوقعات، كانت صلاة الكسوف مشروعة، بشرط أن يكون الكسوف ظاهرًا، وليس توهمًا، والله أعلم.
هل يجوز صلاة الكسوف في أوقات النهي
أشار الشيخ ابن باز إلى أن مسألة صلاة الكسوف في أوقات النهي تختلف فيها آراء أهل العلم، إلا أن الرأي الراجح هو جوازها حتى في أوقات النهي،يمكن أن تُصلّى هذه الصلاة بعد الفجر أو العصر، لأنها من الصلوات ذات الأسباب الشرعية التي يُشرع فعلها بمجرد حدوث السبب، وهو الكسوف،لذلك، يُعتبر أداء صلاة الكسوف جائزًا حتى في أوقات النهي، والله ورسوله أعلم.
حكم تكرار صلاة الكسوف
تُعَد صلاة الكسوف سنّة نبوية، لكن إذا أنهى المسلمون الصلاة، فلا يُستحب تكرارها حتى في حال استمرار الكسوف،وإنما يُفضّل أن ينشغل المسلمون بالذكر والدعاء، إذ أن صلاة الكسوف تتعلق بظاهرة كسوف الشمس، وينبغي على المسلمين استغلال هذه اللحظات في الاستغفار والتكبير والتهليل،يتم أداء صلاة الكسوف بركعتين، تتضمن كل واحدة منهما قراءتين وركوعين وسجدتين،وإن أنهوا الصلاة دون أن ينكشف الكسوف، يُفضل لهم الانشغال بالدعاء والذكر دون إعادة الصلاة، والله ورسوله أعلم.
حكم خطبة صلاة الكسوف
أكد الشيخ ابن باز على أن خطبة صلاة الكسوف تُعتبر سنة مستحبة ومؤكدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-،حيث روت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد خطب الناس بعد انجلاء الشمس، وحمد الله وأثنى عليه، قائلاً “إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ آيَتانِ مِن آياتِ اللَّهِ، لا يَخْسِفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحَياتِهِ، فإذا رَأَيْتُمْ ذلكَ، فادْعُوا اللَّهَ وكَبِّرُوا وصَلُّوا وتَصَدَّقُوا”،بناءً على ذلك، انقسم أهل العلم في حكم الخطبة بعد صلاة الكسوف، حيث ذهب بعضهم إلى اعتبارها خطبتين وآخرون إلى أنها تكون خطبة واحدة، والله أعلم.
ختامًا، نأمل أن يكون هذا البحث قد سلط الضوء على المفاهيم والأحكام الشرعية المتعلقة بصلاة الكسوف، بما فيها حكم الصلاة، الاعتماد على الفلك، تكرار الصلاة، وخطبة الكسوف، وفقاً لفهم الشيخ ابن باز،نأمل أن تُقدم هذه المعلومات المساعدة والفائدة للمسلمين في تناولهم لهذه الظاهرة الطبيعية.