تعتبر قصة الثلاثة الذين حبستهم الصخرة من أقوى القصص التي تحمل دروساً وعبرًا عظيمة. استخدم النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- القصص كوسيلة فعالة للتوجيه والدعوة، وذلك لما تتمتع به من وضوح وعمق في التأثير. في هذا البحث، سنتناول بالتفصيل قصة الثلاثة الذين حبستهم الصخرة وكيف فرج الله عنهم، بالإضافة إلى استحضار الدروس المستفادة من تلك القصة، مما يساعد في فهم العبر والمعلومات الشرعية الهامة.

قصة الثلاثة الذين حبستهم الصخرة وكيف فرج الله عنهم

تحكي القصة عن ثلاثة رجال كانوا يسيرون معًا في يوم مطير. ولما اشتد المطر، لجأوا إلى غار في أحد الجبال ليحتموا فيه. ولكن، حدث ما لم يكن في الحسبان حين جرفت السيول الصخور من الجبال، وسقطت صخرة كبيرة على فم الغار، فأطبقت عليهم، وكان لا يمكنهم دفعها، فاجتمعوا ليبحثوا عن مخرج. اقترح أحدهم أن يستحضروا أعمالهم الصالحة ويدعوا الله بها لعله يفرج كربهم.

العمل الصالح للرجل الأول

بدأ الرجل الأول بالدعاء إلى الله، قائلًا “اللهم، كان لي والدان شيخان، وكنت أبدأ بهما قبل أولادي عند حلب اللبن. وقد تأخرت في الوصول إلى المنزل حتى نمت والدتي ووالدي. فلما جئت بالحليب رأيت أولادي يجوعون، لم أجرؤ على إيقاظ والدي، فاستمررت في انتظارهم حتى الفجر”. هنا، كان دعاؤه واضحًا ومؤشرًا على إخلاصه، فنال استجابة من الله، وفتح لهم فرجة يرون منها السماء.

العمل الصالح للرجل الثاني

توسل الرجل الثاني إلى الله بخوفه من الله وطهارته، مشيرًا إلى قصة ابنته التي أحبتها ولكنها لم تستسلم لطلبه. ولما اضطرت إلى مساعدته بسبب حاجتها الماسة، ترك الرجل المال الذي عرضته عليه عندما تذكرت الله. بفضل زهده وإيمانه، فرج الله عنهم فرفعت الصخرة قليلًا.

العمل الصالح للرجل الثالث

أما الرجل الثالث، فقد تذكر أمانته في المال الذي استأجر به موظفًا، وعندما أنهى عمله، لم يأخذ الأجرة. وعندما عاد الموظف بعد فترة، أصر الرجل على منحه كل ما صنعه من أموال وثروة نتيجة لذلك. استجابةً لأمانته، فرج الله عنهم بشكل كامل، وانفصلت الصخرة عن فم الغار.

عبر ودروس من قصة أصحاب الغار

تكمن قيمة قصة أصحاب الغار في العبر والدروس العديدة المستفادة منها، ومن أبرز هذه الدروس

  • يجوز التوسل للأعمال الصالح أثناء الدعاء كما فعل أصحاب الغار، والذي تجلى من خلال أعمالهم الثلاثة بر الوالدين، والابتعاد عن الحرام، وأداء الأمانة.
  • تتجلى أهمية الإخلاص في العمل، حيث كان الثلاثة يشددون في دعائهم على أنهم فعلوا ذلك ابتغاء وجه الله.
  • معرفة الله في أوقات الرخاء يعود بالنفع في الشدائد، فالأعمال الصالحة التي قاموا بها أنقذتهم في محنتهم.
  • تتميز القصص النبوية بالبلاغة والصدق، وتهدف بشكل رئيسي إلى الفائدة والعبرة.

ختاما، درسنا في هذا البحث قصة الثلاثة الذين حبستهم الصخرة وكيف أن أعمالهم الصالحة كانت سببًا في فرج الله عنهم. كما أبرزنا أهمية التوسل بالأعمال الصالحة في الدعاء. إن من يتوكل على الله ويعتمد عليه، فهو في رعايته ورحمته في الحياة الدنيا والآخرة.